Freedom Flotilla: A Turning Point on a Long Path

السبت، ٢٠ مارس ٢٠١٠

فهمي هويدي يكتب: عاصفة على «إسلام أون لاين» ه


ما زلت عاجزا عن فهم الذي جرى لموقع «إسلام أون لاين». وما زلت غير مصدق أن أناسا أيا كانت مداركهم أو هوياتهم يمكن أن يهدموا الجهد الكبير والمتميز الذى بذل في بناء ذلك الموقع. وما زلت غير مصدق أيضا أن يتم الهدم بذلك الأسلوب المباغت الذي شهدناه في الأسبوع الماضي.

خلاصة القصة التي عرضتها وسائل الإعلام المختلفة، العربية والأجنبية، أن مسئولي الجمعية القطرية التي تتولى التمويل قرروا هدم الموقع الذي استقرت إدارته في مصر منذ عشر سنوات، فأطاحوا بالمسئولين عنه. وهددوا مستقبل العاملين فيه، الذين يقارب عددهم 300 شخص.

لأنني كنت أحد الذين شهدوا ميلاد الموقع في مؤتمر موسع عقد بالدوحة قبل عشر سنوات، وأحد الذين كانوا يسألون في تطويره وبرامجه المستقبلية، فقد أدهشني المصير الذي آل إليه، واستهجنه بعض المثقفين المصريين، وكان من أسباب دهشتي أنني قبل أسابيع كنت قد تلقيت نسخة من خطة عمله المقترحة للسنوات الثلاث المقبلة. التي فهمت أنها أرسلت إلى ثلاثين شخصا من المثقفين المعنيين بالأمر، لكي يبدوا عليها ملاحظاتهم.

ما حيرني حقا أن الموقع قدم خلال سنوات عمره العشر نموذجا للاستنارة والحرفية، وأصبح بمضي الوقت محل حفاوة من جانب الذين تمنوا أن يجدوا منبرا إسلاميا يجسد الوسطية وسعة الصدر، ويختلف عن غيره من النماذج الشائهة التي راجت في زماننا. من ثم فإنه نجح في أن يجمع بين الالتزام بهموم الأمة وأولوياتها وبين الالتزام بقيم الأمة وثوابتها. بل نجح في أن يكون ساحة اجتماع للمسلمين من ناحية، وجسرا للتواصل مع الآخرين في ذات الوقت. (الموقع يبث باللغة الإنجليزية أيضا وتقرأ منه نصف مليون صفحة يوميا).

أول سؤال خطر لي حين بلغني النبأ كان لماذا؟.. كان رد من سألتهم في القاهرة أن أحدا لم يواجههم بأي إيضاح أو نقد أو حتى اتهام. من ثم فلا توجد معلومات، ولكن هناك فقط استنتاجات. طلبت إيضاحا فقيلت لي أسباب متعددة، منها أن هناك رغبة في «تقطير» الوظائف، بمعنى تسليم الموقع إلى قطريين يديرونه، وهو ما لم أقتنع به، لأن «التقطير» بهذه الصورة ليس حاصلا في قطر ذاتها، بمعنى أنهم لا يلجأون إلى إقصاء كل العاملين غير القطريين في أي مرفق. سمعت أيضا من قال إن قرار هدم الموقع له صلة بالتوترات التي تشوب العلاقات القطرية المصرية. ولم أجد ذلك مقنعا، ليس فقط لأن العلاقات تمر بفترة هدوء الآن، وحين مرت العلاقات بظروف أسوأ في السابق لم تؤد إلى مثل هذه النتائج، وإنما أيضا لأن القطريين من أكثر أهل الخليج ودا وسماحة، وليس من شيمهم ذلك البطش الذي تم ولا الفظاظة التي اتبعت. فشلت في الوصول إلى من أعرف من أعضاء مجلس الإدارة الجديد في الدوحة، وقيل لي إنهم منذ وقعت الواقعة يرفضون استقبال المكالمات الآتية من القاهرة. ونجحت فى الاتصال بمن ظننت أنه قريب من الصورة، فقال لي إنه بدوره لم يفهم، ولكنه سمع أن الذين قادوا «الانقلاب» لهم رؤية أخرى للموقع. فهم يريدونه «حضاريا» وليس حركيا، بمعنى أن يظل ثقافيا ولا علاقة له بالتفاعلات الحاصلة على أرض الواقع. ولم أجد ذلك السبب مقنعا أيضا، ليس فقط لأن من اتخذوا القرار كانوا يستطيعون أن يعرضوا رؤيتهم الجديدة على المسئولين في الموقع، ولهم أن يخيروهم بين الالتزام بها أو إخلاء مواقعهم لمن يقبل بها، ولكن أيضا لأنني لم أفهم كيف يكون هناك موقع إسلامي ولا يهتم بشئون المسلمين وعلاقاتهم بغيرهم.

أخيرا وصلت إلى الدكتور يوسف القرضاوي رئيس مجلس إدارة الجمعية الممولة في قطر، فقال لي إنه بدوره فوجئ بما حدث في غيابه، لأنه كان تحت العلاج في أحد المستشفيات السعودية، وأنه يبذل منذ عودته جهدا لاحتواء الموقع والحفاظ على الموقع والعاملين فيه. وهي مهمة قد تحسم هذا الأسبوع. أدعو له بالتوفيق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق